المقاطعة
لما انتشر الإسلام وفشا اتفقت قريش على مقاطعة بني هاشم وبني المطلب ابني عبد مناف فلا يبايعوهم ولا يناكحوهم ولا يكلموهم ولا يجالسوهم حتى يسلموا إليهم محمد، وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها في سقف الكعبة. فانحاز إلى الشعب بنو هاشم وبنو المطلب مؤمنهم وكافرهم إلا أبا لهب فإنه ظاهر قريش. استمرت المقاطعة قرابة ثلاث سنوات فلم يقربهم أحد في الشعب. ثم سعى في نقض تلك الصحيفة أقوام من قريش فكان القائم في أمر ذلك هشام بن عمرو فأجابته قريش، وأخبرهم محمد أن الله قد أرسل على تلك الصحيفة الأكلة فأكلت جميع ما فيها إلا المواضع التي ذكر فيها الله. [11]
وصلت الأخبار للمسلمين بالحبشة أن قريشاً قد أسلموا، فقدم مكة منهم جماعة فوجدوا البلاء والشدة كما كانا فاستمروا بمكة إلى أن هاجروا إلى المدينة.
ومما زاد الأمر سوءاً أن زوجته خديجة وعمه أبو طالب توفيا في عام واحد في عام واحد فسُمٍّي هذا العام بعام الحزن وكان ذلك في عام 619 م. وازداد بعدها أذى قريش للنبي محمد. فخرج النبي محمد إلى الطائف ليدعوهم آملاً أن يؤوه وينصروه على قومه، لكنهم آذوه ورموه بالحجارة ورفضوا دعوته ولم يسلم إلا الصحابي الطفيل بن عمرو الدوسي الذي دعا قومه ه فأسلم بعضهم وأقام في بلاده حتى فتح خيبر قدم بهم في نحو من ثمانين بيتاً. [11]
وفقاً للمعتقد الإسلامي فإن الملائكة عرضت على النبي محمد أن يهلكوا أهل الطائف إلا أنه رفض وقال: «عسى أن يخرج من أصلابهم أقوام يقولون ربنا الله»
الإسراء والمعراج
اشتد أذى المشركين في مكة لمحمد وأصحابه وتعرض لمحاولات اغتيال فبدأ يعرض نفسه في مواسم الحج على قبائل العرب يدعوهم إلى الله ويخبرهم أنه نبي مرسل ويسألهم أن ينصروه ويمنعوه حتى يبلغ ما أرسله الله به للناس حتى سنة 11 من النبوة في موسم الحج جاء ستة من شباب يثرب وكانوا يسمعون من حلفائهم من يهود في المدينة، أن نبياً من الأنبياء مبعوث في هذا الزمان سيخرج، فنتبعه، ونقتلكم معه. وعد الشباب الرسول بإبلاغ رسالته في قومهم وجاء في الموسم التالي اثنا عشر رجلاً، التقى هؤلاء بالنبي عند العقبة فبايعوه بيعة العقبة الأولى. وفي موسم الحج في السنة الثالثة عشرة من النبوة يونيو سنة 622م حضر لأداء مناسك الحج بضع وسبعون شخصاً من المسلمين من أهل المدينة، فلما قدموا مكة جرت بينهم وبين النبي اتصالات سرية أدت إلى الاتفاق على هجرة رسول وأصحابه إلى المدينة المنورة وعرف ذلك الاتفاق ببيعة العقبة الثانية. وبذلك يكون الإسلام قد نجح في تأسيس دولة له، وأذن الرسول للمسلمين بالهجرة إلى المدينة. وأخذ المشركون يحولون بينهم وبين خروجهم، فخرجوا حتى لمْ يبق بِمكة إلا محمد وأَبو بكرٍ وعلي بن أبي طالب. همّ المشرِكون أَن يقتلوه، واجتمعوا عِند بابه، فخرج من بينِ أَيديهِم لم يره منهم أَحد، وترك علي ليؤدي الأَمانات التي عنده، ثمَّ يلْحق بِه. [17] و ذهب الرسول إِلى دارِ أَبِي بكرٍ، وكان أَبو بكرٍ قد جهز راحلتين للسفر، فأَعطاها رسول الإسلام عبد الله بن أُرَيْقِط، على أَنْ يوافيهِما في غار ثور بعد ثلاث ليالٍ، وانطلق الرسول وأَبو بكرٍ إِلَى الغار، و لم يستطع المشركين إيجادهما ويؤمن المسلمون أن لذلك تدّخل من عند الله، وفي يومِ الاثنين العاشر من شهر ربيع الأول سنة 622م دخل محمد المدينة مع صاحبه الصديق، فخرج الأَنصار إِليه وحيوه بتحية النبوة.
حياته في المدينة
بناء مجتمع جديد
مكث محمد في قباء أربعة عشر يوماً حسب الروايات، وكانت أول خطوة خطاها محمد في المدينة هي بناء المسجد النبوي، كما آخى بين المهاجرين والأنصار، واختار كل أنصاري أحد المهاجرين ليكون أخا له يأكل معه مما يأكل ويشر مما يشرب ويقتسم معه ماله في أروع صور التكافل الاجتماعي التي أذابت عصبيات الجاهلية، وأسقطت فوارق واللون والوطن والطبقة، فلا أساس للولاء والبراء إلا بالإسلام، فكانوا يتوارثون بهذا الإخاء في ابتداء الإسلام إرثاً مقدما على القرابة.
معاهدة مع اليهود
كان اليهود يسكنون المدينة فعقد معهم الرسول حينما نزل المدينة معاهدة قرر لهم فيها النصح والخير، وترك لهم فيها مطلق الحرية في الدين والمال، وأوجب النصر للمظلوم والأخذ على يد الظالم وإن بينهم النصر على من دَهَم يثرب ولم يتجه إلى سياسة الإبعاد أو المصادرة والخصام، مع تنظيم المنطقة في وفاق واحد.
أهم غزواته
روى مسلم من حديث عبدالله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي عن أبيه قال غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة قاتل في ثمان منهن وعن زيد بن أرقم قال غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة كنت معه في سبع عشرة وأما محمد بن إسحاق فقال كانت غزواته التي خرج فيها بنفسه سبعا وكانت بعوثه وسراياه ثمانيا وثلاثين وزاد ابن هشام في البعوث على ابن اسحاق.
غزوة بدر
وفي رمضان من السنة الثانية للهجرة خرج المسلمون بقيادة الرسول ليعترضوا قافلة لقريش يقودها أبو سفيان فلمًّا علم بهم أبا سفيان غَيّرَ طريقه إلى الساحل وأرسل إلى أهل مكة يستنفرهم، فخرجوا لمحاربة المسلمين والتقى الجمعان في غزوة بدر في 17 رمضان سنة اثنتين للهجرة. وانتصر جيش المسلمين وقُتِل أبو جهل عمرو بن هشام المخزومي سيد قريش
غزوة أُحد
بعد هزيمة قريش في غزوة بدر سعت للانتقام بسبب قتلاها في معركة بدر فجمعت من كنانة وغيرها من القبائل فخرجوا في 3000 مقاتل في 15 شوال من سنة 3 للهجرة فبلغ خبرهم للرسول فخرج بالمسلمين إلى أُحد وفي الطريق انسحب المنافق عبد الله بن أبي بن سلول وثلاثمائة من أتباعه وعادوا إلى المدينة وتابع المسلمون سيرهم إلى أحد ونزلوا في موقع بين جبل أحد وجبل صغير ووضع الرسول الرماة على جبل عينين وأمرهم أن لا يغادروا مواقعهم حتى يأمرهم بذلك مهما كانت نتيجة المعركة، وبدأت المعركة فحاول فرسان المشركين بقيادة خالد بن الوليد اختراق صفوف المسلمين من ميسرتهم فصدهم الرماة، وقتل عشرة من حملة لواء المشركين، وسقط لواؤهم ودب الذعر في صفوفهم وبدؤوا في الهرب، وتبعهم بعض المسلمين فاضطربت صفوفهم، ورأى الرماة هرب المشركين فظنوا أن المعركة حسمت لصالح المسلمين فترك معظمهم مواقعهم، ونزلوا يتعقبون المشركين ويجمعون الغنائم ولم يلتفتوا لتحذيرات قائدهم، واستغل خالد بن الوليد هذه الحال، فالتف على الجيش وتغيرت موازين المعركة، وأثناء ذلك، أشيع أن الرسول قتل، وانسحب الرسول بمجموعة من الصحابة الذين التفوا حوله إلى قسم من جبل أحد وحاول المشركون الوصول إليه ففشلوا ويئسوا من تحقيق نتيجة أفضل فأوقفوا القتال مكتفين بانتصارهم هذا.
تاااااااااااااابع